تاريخ النشر: 26 كانون الأول 2014

وتسجل عجزاً للمرة الأولى في 6 سنوات

السعودية ترفع الإنفاق لمستوى قياسي في موازنتها للعام المقبل

الرياض - رويترز: أقرت الحكومة السعودية أمس، ميزانية توسعية لعام 2015 ورفعت الانفاق لمستوى قياسي فيما قالت انها ستمول عجزا متوقعا من الاحتياطيات المالية الضخمة ما يبدد المخاوف بشأن تأثر اقتصاد أكبر مصدر للنفط في العالم بهبوط أسعار الخام.
وكانت الاسواق المالية تخشى أن تقلص السعودية الانفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية ومشروعات التنمية في 2015 لكن الموازنة عكست ثقة الحكومة في قدرتها على التعامل مع هبوط أسعار النفط دون الحاجة لاجراءات تقشفية قاسية.
ووفقا للموازنة التي أعلنتها وزارة المالية على موقعها الالكتروني تتوقع الوزارة أن تبلغ النفقات العامة 860 مليار ريال «3ر229 مليار دولار» في 2015 ارتفاعا من 855 مليارا في الموازنة الاصلية لعام 2014 والذي كان أول خفض في الانفاق منذ 2002.
ومن المتوقع أن تبلغ الايرادات 715 مليار ريال في 2015 وهو ما يجعل المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم تسجل عجزا في الموازنة - للمرة الاولى منذ الازمة المالية العالمية في 2009 - بقيمة 145 مليار ريال.
يقول الاقتصادي السعودي البارز عبد الوهاب أبو داهش «الموازنة تعكس نية الحكومة للاستمرار في الانفاق التوسعي...860 مليار ريال جاء أكثر من المتوقع في ظل أسعار النفط الحالية».
ويوافقه الرأي مازن السديري مدير الابحاث لدى الاستثمار كابيتال بقوله ان الانفاق الحكومي الضخم الذي يمثل 34 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي «يعكس رغبة السعودية في استمرار الانفاق حتى ان اقتضى ذلك اللجوء للاحتياطيات...لان مواصلة النمو في المملكة أمر حيوي».
ومنذ حزيران تراجع خام القياس العالمي مزيج برنت من حوالي 115 دولارا للبرميل - وهو مستوى ساعد المملكة على تسجيل فوائض متوالية في الميزانية - ليصل الى ما يزيد قليلا عن 60 دولارا للبرميل.
وقال جون سفاكياناكيس المستشار السابق لوزارة المالية السعودية والمدير الاقليمي الحالي لشركة ادارة الاصول أشمور في الرياض ان الرسالة التي تعكسها الميزانية هو أن الحكومة «لديها النية والقدرة المالية على تشغيل الاقتصاد».
ويزيد الانفاق المتوقع لعام 2015 بنسبة 6ر0 بالمئة عن الرقم الاصلي لميزانية 2014 وهي أقل زيادة في الانفاق منذ أكثر من عشر سنوات.
وستواصل الحكومة الانفاق السخي على مشروعات التنمية عبر اللجوء الى احتياطياتها المالية الضخمة التي تراكمت عبر سنوات ازدهار أسعار النفط والتي بلغت 8ر2 تريليون ريال بنهاية تشرين الثاني.
وسيكون ذلك أمرا ايجابيا ليس فقط للمملكة ولكن لباقي دول مجلس التعاون الخليجي اذ أن حركة الاموال السعودية تساعد على دعم المنطقة بداية من سوق العقارات في دبي الى قطاع السياحة في البحرين وشركات المقاولات في الكويت.
وقال بيان الوزارة «ستستمر المملكة في الاستثمار في المشاريع التنموية لقطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية...وستواصل انتهاج سياسة مالية معاكسة للدورات الاقتصادية لتقوية وضع المالية العامة وتعزيز استدامتها».
وأضاف البيان أن ذلك يتم عبر «بناء احتياطيات مالية من الفوائض المالية الناتجة من ارتفاع الايرادات العامة للدولة في بعض الاعوام للاستفادة منها عند انخفاض هذه الايرادات في أعوام أخرى».
وقدرت الوزارة أن تبلغ المصروفات الفعلية 1100 مليار ريال في 2014 والايرادات الفعلية 1046 مليارا بنهاية العام وهو ما يعني تسجيل عجز بواقع 54 مليار ريال خلال العام.

المشروعات الكبرى
كعادتها لم تعلن الوزارة عن السعر الذي افترضته لبرميل النفط عند اعداد الموازنة لكن توقعات المحللين دارت بين 50 و63 دولارا للبرميل.
وتوقع أبو داهش أن تكون الوزارة قد بنت الموازنة على أساس سعر يقل عن 50 دولارا للبرميل فيما قال السديري انه يتوقع ان يكون ذلك على أساس 63 دولارا للبرميل.
وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري انه يبدو أن الوزارة حددت سعر النفط في الموازنة عند 55 دولارا للبرميل وعند انتاج مستقر تقريبا في حدود 5ر9 مليون برميل يوميا.
وقالت «السعودية في وضع قوي لتمويل العجز...بامكانها تحمل السعر الجيد للنفط لعام أو عامين».
وأضافت أنه في حال استمرار تراجع الاسعار لفترة أطول فمن المرجح أن تبدأ الحكومة في كبح جماح الانفاق.
وأشارت الموازنة الى الانفاق بقوة على مشروعات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وخصصت 217 مليار ريال للانفاق على قطاع التعليم بما ما يمثل 25 بالمئة من النفقات كما شملت تخصيص 160 مليار ريال للانفاق على قطاع الرعاية الصحية.
ويجري تمويل عدد كبير من مشروعات البنية التحتية الضخمة خارج الموازنة مثل مشروع مترو الرياض البالغة قيمته 5ر22 مليار ريال والمتوقع استكماله بحلول 2019.

النمو
وقالت الوزارة ان الناتج المحلي الاجمالي الفعلي نما بنسبة تقدر عند 6ر3 بالمئة في 2014 مقارنة مع 7ر2 بالمئة العام الماضي وان القطاع الخاص سجل نموا بنسبة 7ر5 بالمئة في 2014.
ويتوقع المحللون تباطؤ النمو العام المقبل لكن سفاكياناكيس قال ان من المستبعد دخول الاقتصاد في مرحلة الركود بغض النظر عن أسعار النفط وقال ان نمو القطاع الخاص سيعوض أي تباطؤ في القطاع النفطي.
الا أن أبو داهش توقع ألا يحقق القطاع الخاص أيضا نموا كبيرا العام المقبل وقال ان النمو المتوقع للقطاعين الحكومي والخاص سيكون في حدود أربعة بالمئة وتوقع أن يؤثر ذلك على معدلات التوظيف والبطالة.
وقال «بوجه عام 2015 مؤشراتها ليست جيدة وأخشى أن يكون عام 2016 أصعب».
وتابع «نتمنى أن 2015 تعدي على خير كما يقولون ...ستكون اختبارا قويا للاقتصاد السعودي وان لم ترتد أسعار النفط قد نشهد عاما أصعب في 2016».